لماذا التركيز على شخصيات الظهور؟؟
المتتبع لما يطرح اليوم من التركيز المنقطع النظير على شخصيات الظهور التي تخرج قبل أو ترافق خروج الإمام المهدي ( عليه السلام) يجد بأنه قد طرق الأسماع بشكل واسع واخذ اهتمامٌ مبالغ فيه وعلى درجة كبيرة في أوساط المجتمع المسلم عموماً و العراقي خصوصاً .
ولعل مثل هذا الأمر و ما ينطوي عليه من ملابسات متداخلة قد ينعكس سلباً على قضية الظهور المقدس للإمام المهدي (عليه السلام) من خلال حرف الناس عن هذه القضية المركزية ومنهجها القويم.
و سواءً كان الفرد مدركاً لحجم هذا الاعتقاد أم لا, نرى بان هنالك جهات عديدة روجت لهذا الاتجاه من التفكير و عولت عليه كثيراً في كسب الناس عاطفياً للخط الذي تدعوا له و تسير عليه من خلال تبني هذه الشخصية أو تلك.
و لو تأملنا ما ورد عن أهل بيت العصمة ( عليهم السلام) نلاحظ إن هذه الشخصيات التي ورد ذكرها في الروايات إنما تمثل احد العلامات الدالة على قرب الظهور و ليس شرطا أساسياً فيه.
و الفرق بين العلامة و الشرط كبير و جوهري للغاية, فالظهور يمكن أن يتحقق من دون حصول أي علامة من العلامات التي ذكرتها الروايات في حال توفر الشرائط الأساسية له, في حين لا يمكن أن يحصل الظهور حتى لو تحققت جميع العلامات التي أشارت لها الروايات لما لم تكتمل شرائطه الأساسية .
فالأساس في الظهور إذن هو الشرط وليس العلامة.
فان قال قائل: إن هنالك علامات حتمية لابد من تحققها قبل أن يحصل الظهور أشارت لها الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) و منها الصحية و الخسف و السفياني و قتل النفس الزكية.
قلنا: إن ذلك لا يتم لاحتمال تدخل البداء في هذا الأمر , فقد ورد عن الإمام الــــصادق (عليه السلام) عندما سُئل عن العلامات الحتمية لظهور القائم (عليه السلام) وهل فيها بداء فقـــال (عليه السلام) (( نعم )) فقالوا له : أفي المهدي بداء قال (( لا , لان المهدي من الميعاد ... والله لا يخلف الميعاد )),
و لا اقل من وجود هذا الاحتمال المبطل للاستدلال بهذا الأمر.
ولو أراد شخص ما أن يتحرى الحق ويأخذ به, فنقول له كما قال الإمام علي (عليه السلام) في ذلك
((لا يقاس الحق بالرجال ... وإنما تقاس الرجال بالحق)) و قال أيضاً (( لا تجعل بينك و بين أهل الحق وساطة)).
و من هنا أصبح لزاماً علينا توخي التفكر و التدبر الدقيقين في كل قضية تدعي لنفسها حمل لواء الحق والدفاع عنه.
فالواجب إذن : هو ثبوت أحقية تلك الدعوة و مدى مصداقيتها فيما تطرح من خلال تقديمها للأدلة الواضحة التي لا تقبل الشك أو التأويل بدلاً من تبنيها لهذه الشخصية أو تلك من شخصيات الظهور من دون علم أو فكر بل لمجرد تحقيق مأرب أنية خاصة و أطماع بعيدة عن منهج الإسلام الأصيل.
منقول